عزّز أدلّتك

من إعداد لورين ياغر ومارتن ألتيريس، مركز تميز التدقيق التابع لمكتب المساءلة الحكومية الأمريكي

مقدمة

يُعدُّ التركيز على الأدلة لدعم النتائج والتوصيات من السِّمات المميزة لمنظمات التدقيق وتقاريرها، مما يحتّم إيلاء أولوية قصوى لأي تقنيات يمكن أن تجعل هذه الأدلة أكثر قوة. وتقضي إحدى الطرق التي توفر هذه الإمكانية بإجراء فحص دقيق لثلاثة من التقنيات التي تستخدمها منظمات التدقيق لجمع الأدلة: المسوح، والمقابلات شبه المنظمة، وأدوات جمع البيانات.

وتشكّل المسوح أداة قيّمة للغاية بالنسبة إلى منظمات التدقيق عندما لا تتوفر المعلومات اللازمة من مصادر وثائقية، رغم أنَّ الوقت والموارد اللازمة لتنفيذ المسوح تحدُّ من استخدامها. من ناحية أخرى، يبدو أن تكوين فهم أفضل للمقابلات شبه المنظمة وأدوات جمع البيانات يمكن أن يضفي دقّة على عمليات التدقيق دون الحاجة إلى مثل هذا الاستثمار الكبير. على سبيل المثال، تستخدم منظمات التدقيق بشكل عام شكلاً من أشكال المقابلات في جميع عمليات التدقيق التي تجريها، وقد يكون للتغييرات المتواضعة التي تضيف هيكلاً إلى العملية مردود كبير دون الكثير من الاستثمار الإضافي. بالمثل، ينطوي العديد من عمليات التدقيق على عمليات معاينة من نوع معين، سواء كانت عمليات معاينة للمرافق المادية أو لوثائق الوكالات. وقد يؤدي استخدام نهج أكثر تنظيماً مثل وسائل جمع البيانات أيضاً إلى إضافة قوة إلى النتائج دون إضافة وقت أو موارد.

الشكل 1: أنواع أساليب جمع البيانات الشائعة الاستخدام

المسوح

يمكن أن تكون المسوح أداة فعالة في جمع أدلة التدقيق، لاسيما عندما لا تكون هناك طرق أخرى لتوليد هذا النوع من المعلومات. على سبيل المثال، غالباً ما تكون المسوح هي الطريقة الوحيدة لجمع المعلومات المتعلقة بآراء المجيبين، وبشكل أعم، توفر المسوح طريقة لجمع أدلة الشهادات بشكل أكثر صرامة. بمعنى معين، توفر المسوح فرصة لجعل “البيانات” من أدلة الشهادات.

أما الجانب السلبي فهو أنَّ المسوح ذات النوعية العالية بما يكفي لتكون بمثابة أدلة للتدقيق مكلفة ويستغرق إعدادها وتنفيذها وقتاً طويلاً. ويكمن أحد الفروق الحاسمة بين المسوح وطريقتي الجمع الأخريين في أنَّ فريق التدقيق لا يكون حاضراً عندما يردُّ المجيبون على المسح. وعلى النقيض من ذلك، يتولى أعضاء فريق التدقيق إدارة المقابلات شبه المنظمة وأدوات جمع البيانات أو إنجازها (انظر الشكل 1). ولهذا التمييز آثار على الوقت اللازم لإعداد المسح واختباره مسبقاً. وبما أنَّ الفريق لن يكون حاضراً للرد عن أي أسئلة، فيجب تصميم أسئلة المسح وتنفيذها بطريقة لا تحدث تحيزاً أو إرباكاً وتولد معدل استجابة مقبول.


ويقدِّم الشكل 2 توضيحاً للخطوات المطلوبة لاستكمال المسح بنجاح، رغم أنَّ الوقت الذي يستغرقه يمكن أن يختلف اختلافاً كبيراً تبعاً لعوامل مثل حجم الخبرة التي يتمتع بها فريق التدقيق، وتعقيد الموضوع وحساسيّته، وحجم السكان المستهدفين وإمكان الوصول إليهم.

الشكل 2: الخطوات الرئيسية التي ينطوي عليها تنفيذ المسح

ثمّة حالات تكون فيها المسوح هي أفضل طريقة متاحة لجمع الأدلة المطلوبة لإجراء تدقيق، ولكن كما هو الحال مع أي قرار ينطوي على استثمار كبير، يستحقُّ استخدام المسوح دراسة متأنّية لتكاليف هذه التقنية ومنافعها في مقابل الطرق الأخرى لجمع أدلة التدقيق.

المقابلات شبه المنظمة

من ناحية أخرى، هناك تقنيات أخرى لجمع البيانات يبدو أنَّ لديها إمكانات كبيرة لإضافة الدقة دون استثمار إضافي كبير. ويمكن اعتبار واحدة من هذه المقابلات “شبه منظمة”، وتختلف هذه عن المقابلات العادية لأنَّها غالباً ما تنطوي على مزيج من الأسئلة المفتوحة والأسئلة المغلقة. وتتضمن الأسئلة المغلقة مجموعة محدَّدة من الخيارات للردود، يمكن أن تشمل نعم / لا، ونطاقات المدى (إلى حد كبير، وإلى حد معتدل، وإلى حد ضئيل)، وما إلى ذلك.

ويمكن للمقابلات شبه المنظمة أن تضيف صرامة إلى عملية جمع الأدلة، إذ يمكن للفرقاء استخدام بعض تقنيات الاختيار والتنفيذ نفسها المستخدمة في المسوح. والنتيجة هي أنَّ ثمّة حاجة إلى وقت إضافي في مرحلة تطوير المقابلات لأنَّ الهدف هو الحصول على أداة أكثر استقراراً قبل بدء المقابلات.

الشكل 3: إضافة الهيكل إلى المقابلات تنقل الوقت إلى التطوير

من ناحية أخرى، ينطوي هذا التخطيط المسبق على فائدتين محتملتين للتدقيق. الفائدة الأولى هي أن التخطيط للمقابلة يميل إلى تقليل مقدار الوقت اللازم في المراحل اللاحقة من التدقيق، خصوصاً من حيث التحليل والتوثيق. على سبيل المثال، إذا أدرج الفريق بعض الأسئلة المغلقة في المقابلة، على غرار المثال أدناه، فإن نطاق الردود محدود.

هل زوّدك التدريب بالمهارات اللازمة لإجراء عمليات المعاينة؟

أ- إلى حد كبير

ب- إلى حد معتدل

ج- إلى حد قليل

في تلك الحالات، يتم تبسيط تحليل الأسئلة المنظمة وتوثيقها إلى حد كبير لأنها لا تنطوي إلا على حصيلة للردود. كما أنَّ الشّكل شبه المنظم مرن لأنّه يمكن للفريق دمج الأسئلة المفتوحة حيث لا يكون من السهل توقع الردود وتصنيفها مسبقاً.

ومن المزايا الأكثر أهمية للمقابلات شبه المنظمة أنها تمتلك القدرة على توليد أدلة ونتائج تدقيق أكثر قوة. على سبيل المثال، إذا كان السؤال أعلاه هو السؤال الذي لم يكن جزءاً من مقابلة شبه منظمة، فقد تكون النتيجة الرئيسية من قبيل العبارة إلى يسار الشكل 4:

الشكل 4: النتائج النموذجية للمقابلات غير المنظمة في مقابل المقابلات شبه المنظمة

من ناحية أخرى، إذا طُرِحَ السؤال نفسه على جميع المجيبين بالطريقة نفسها، يمكن لفريق التدقيق أن يبلّغ عن الأدلة بطريقة أكثر دقة وقوة، كما هو الحال في البيان على الجانب الأيمن من الشكل. ويمكن أن تؤدي الأسئلة الإضافية في مقابلة شبه منظمة إلى الحصول على أفكار إضافية عن جوانب التدريب التي كانت غير كافية. وعليه يوفر تنسيق المقابلة شبه المنظم نهج “الأفضل في العالمين” لاستثمار متواضع في مرحلة التطوير قبل المقابلات.

أدوات جمع البيانات (تُعرَف أيضا بنماذج إدخال بيانات المحللين)

التقنية الثانية التي يمكن أن تولد نتائج أكثر قوة هي استخدام أداة جمع البيانات. وهذه عبارة عن نماذج إدخال بيانات منظمة يديرها المحللون باّتباع إجراءات وعمليات جرى تطويرها للتدقيق. ومن المحتمل أن تستخدم العديد من منظمات التدقيق هذه الأدوات بطريقة أو بأخرى، لكن فرصة إضافة الدقة إلى عمليات التدقيق من خلال هذه الأدوات تبدو غير محدودة تقريباً. وتتمثل واحدة من أكثر الصور شيوعاً لأداة جمع البيانات في معاين بناء مع حافظة فحص كل عنصر من العناصر المطلوبة، رغم أنّه قد يكون أكثر شيوعاً الآن استبدال الحافظة بجهاز لوحي إلكتروني من نوع معين.

وقد يكون هذا الشكل من أدوات جمع البيانات قيّماً للمدققين عندما يقومون بعمليات معاينة للمباني أو المخزونات أو الأصول المادية الأخرى، ويساعد على ضمان تطبيق فحص متّسق على جميع الحالات المختارة للمراجعة. ومع ذلك، يمكن أيضاً استخدام أدوات جمع البيانات لزيادة الدقة في فحص الوثائق المقدمة من وزارة أو إدارة. على سبيل المثال، كثيراً ما يراجع المدققون التقارير المرحلية أو العقود لضمان استيفاء متطلبات قانونية محددة، وكثيراً ما يكون من الممكن استحداث أداة لجمع البيانات تمكِّن المدققين من إجراء فحص أكثر اتّساقاً للوثائق. وكما هو الحال في المقابلات شبه المنظمة، ثمّة مقايضة بين الوقت الإضافي في مرحلة التطوير في مقابل تحليل أسهل ونتائج أكثر قوة.

وكمثال على ذلك، فإنَّ النص الموجود إلى اليسار نموذجي للنتائج إذا لم يتم إجراء المراجعة بطريقة منظمة. وعلى النقيض من ذلك، إذا جرى استخدام أداة لجمع البيانات وتمكَّن المدققون من تصنيف جودة الوثائق في الفئات الثلاث، يمكن تلخيص النتائج في رسم بياني إلى اليمين مع تأثير أكبر بكثير.

الشكل 5: النتائج النموذجية للمراجعات غير المنظمة في مقابل استخدام أداة جمع البيانات

من المزايا الإضافية لتطوير فريق التدقيق لأداة جمع البيانات هي أنّ أي خطوات تُتَّخذ لزيادة دقة التقييم من المرجح أن تؤتي ثمارها بطرق أخرى. على سبيل المثال، سيتعين على الفريق أن يوضح بالضبط اللغة المطلوبة استناداً إلى معايير مثل الشروط المحددة التي تستحق تسمية “التوثيق الجزئي” في مقابل “التوثيق الكامل”. ومن شأن هذه القواعد أن تساهم في ضمان التطبيق المتَّسق للمعايير وتيسير المراجعة الداخلية قبل النشر. وسيكون هذا النوع من الصرامة ذي قيمة خاصة عندما تعترض الجهة الخاضعة للتدقيق على النتائج وتطلب الاطّلاع على المنهجية. وبدون وجود مجموعة صارمة من قواعد صنع القرارات وحصيلة واضحة للنتائج، قد تدعو الجهة الخاضعة للتدقيق إلى إدخال تغييرات على النتائج، ولكن مع وجود أداة لجمع البيانات وقواعد واضحة لاتخاذ القرارات، قد يرحب فريق التدقيق حتى بأي تحدٍّ للمنهجية والنتائج.

الخلاصة

يتمثل أحد العناصر الرئيسية لتعريف المعايير الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة للتدقيق في الأداء في “تقديم وجهة نظر أو استنتاج مستقل وموثوق به استناداً إلى أدلة التدقيق“. نتيجةً لذلك، يجب أن تكون أي خطوات يمكن أن يتخذها المدققون الحكوميون لتقديم أدلّة أكثر قوة أولوية قصوى بالنسبة إلى منظمات التدقيق. واستناداً إلى تجربتنا مع منظمات التدقيق الأمريكية والدولية، يبدو أنَّ الاستخدام الأكثر استهدافاً للمسوح والاستخدام الأكثر تكراراً للمقابلات شبه المنظمة وأدوات جمع البيانات قادران على تعزيز أدلة التدقيق وتعظيم التأثير الإيجابي لمنظمات التدقيق.

Back To Top