الدروس المستفادة من الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في أستراليا بشأن التدقيق في برامج تغير المناخ

المصدر: المكتب الوطني الأسترالي لمراجعة الحسابات

من إعداد: مكتب التدقيق الوطني الأسترالي

المقدمة

تُجرى عمليات التدقيق المتعلِّقة بتغير المناخ لمكتب التدقيق الوطني الأسترالي بشكل عام بموجب ولاية التدقيق في الأداء الخاصة بالمدقق العام. وتشمل أنشطة التدقيق في الأداء للمكتب التدقيق في أداء برامج الحكومة الأسترالية وجهاتها مع التركيز على تقييم الاقتصاد، والكفاءة، والفعالية، والأخلاقيات، والامتثال للقوانين والسياسات. وفي فترة 2023-24، أجرى المكتب 45 عملية تدقيق في الأداء في البرلمان الأسترالي، مع ست عمليات تدقيق تتعلَّق بتغير المناخ والطاقة والبيئة والزراعة. 

وقد أبرزت أنشطة التدقيق في الأداء الأخيرة التي أجراها المكتب العديد من الدروس المستفادة من التدقيق في البرامج المتعلِّقة بتغير المناخ عبر الحكومة الأسترالية. ويتم النظر في ثلاثة موضوعات رئيسية في هذه الورقة:

  • تنسيق العمل المناخي عبر الحكومة؛
  • إدارة النزاعات في تمويل برامج تغير المناخ؛
  • قياس الأداء وإعداد التقارير في هذا الشأن.

تنسيق العمل المناخي عبر الحكومة

في أستراليا، تدير محفظة تغير المناخ والطاقة والبيئة والمياه مجموعة من البرامج التي تهدف إلى الحد من تأثير تغير المناخ وتحسين النتائج البيئية. وتشمل محافظ الحكومة الأسترالية الأخرى التي تتولى مسؤوليات تغير المناخ ما يلي:

  • الشؤون الخارجية والتجارة: تقود الاستجابة الدولية لأستراليا لتغير المناخ من خلال المفاوضات المتعددة الطرف، والتجارة الدولية والاستثمار، والدعم المتعلِّق بالمناخ من خلال المساعدة الإنمائية؛
  • المدعي العام: يحدِّد تغير المناخ كتهديد قادر على التأثير في أعمال الشرطة من خلال الظواهر الجوية القاسية وانقطاع الخدمات الأساسية؛
  • الدفاع: ينظر في آثار تغير المناخ على الأمن القومي في أستراليا والمنطقة؛
  • الزراعة ومصائد الأسماك والغابات: تنظر في المخاطر والفرص التي يوفّرها تغير المناخ للصناعات الأولية في أستراليا؛
  • الشؤون الداخلية: تنسِّق الجهود في الاستجابة للكوارث الطبيعية والتعافي منها

اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2024، حدَّد مكتب التدقيق الوطني الأسترالي 127 برنامجاً أنجزتها 42 جهة حكومية أسترالية مختلفة تُعنى على وجه التحديد بالاستجابة المناخية، أو السياسات أو البرامج المتعلِّقة بإدارة تغير المناخ، أو الطاقة، أو الزراعة، أو البيئة على نطاق أوسع.

وتشكِّل الجهات المتعدِّدة التي تنفِّذ برامج متنوِّعة دون تنسيق استراتيجي خطراً على تحقيق النتائج المرجوة بفعاليّة وكفاءة. وكان غياب الإطار الاستراتيجي المتماسك لتوجيه تنفيذ البرامج لتحقيق التزامات أستراليا في مجال تغير المناخ نتيجة رئيسية أثيرت في تقرير المدقق العام رقم 10 2023-24 الذي حمل عنوان حوكمة التزامات تغير المناخ. ونظر التدقيق في فعالية ترتيبات حوكمة إدارة تغير المناخ والطاقة والبيئة والمياه لدعم تنفيذ التزامات الحكومة الأسترالية بشأن تغير المناخ. وأشار التدقيق إلى أنَّ الإدارة كانت تتَّبع أكثر من 100 إجراء يتعلَّق بالمناخ والطاقة يتم تنفيذها عبر الحكومة، ولكنَّه وجد أنَّه ما من”خطة” أو استراتيجية واحدة منظمة تربط الأنشطة التي يتمُّ تنفيذها بتحقيق أهداف خفض الانبعاثات.

وقدم المكتب توصية تهدف إلى وضع نهج استراتيجي للسماح بقياس الأنشطة لتحقيق الالتزامات، وقد وافقت الإدارة عليها.

إدارة النزاعات في تمويل برامج تغير المناخ

مع تسريع البلدان لإجراءاتها المناخية للوفاء بالتزاماتها المحلية والدولية، ازداد الإنفاق العام المتعلِّق بالمناخ. وفي أستراليا، خصَّصت الميزانية الفيدرالية 2024-25 مبلغ 22.7 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة للاستثمار في “تعظيم الفوائد الاقتصادية والصناعية للانتقال إلى صافي صفر انبعاثات” وجعل أستراليا “قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة”. ويُضاف هذا إلى التزامات التمويل الضخمة من الميزانيات السابقة، بما في ذلك:

  • 24.9 مليار دولار من الإنفاق المتعلِّق بالمناخ الذي جرى تخصيصه في ميزانية أكتوبر / تشرين الأول 2022-23؛
  • 3 مليارات دولار من 2023-24 حتى 2029-30 لدعم التحول الاقتصادي لصافي صفر الانبعاثات في أستراليا في التوقعات الاقتصادية والمالية منتصف 2023-24؛
  • 4.6 مليار دولار على شكل التزامات إنفاق متعلِّقة بالمناخ للعمل المناخي حتى 30 يونيو / حزيران 2030 في الميزانية الفيدرالية 2023-24.

يتم توفير مقدار كبير من التمويل الحكومي الأسترالي المتعلِّق بالمناخ والبيئة إلى مستويات أخرى من الحكومة أو إلى المنظمات غير الحكومية. وتمثِّل المنح نسبة 37 في المئة من مجموع النفقات المدرجة في الميزانية لإدارة تغير المناخ والطاقة والبيئة والمياه في فترة 2024-25. وتعدُّ الترتيبات المناسبة لإدارة تضارب المصالح عند توفير التمويل الحكومي مهمَّة لبناء ثقة الجمهور في الحكومة والحفاظ عليها لإدارة السياسات والبرامج المناخية الحسّاسة وذات القيمة العالية والتي تكون في بعض الأحيان مثيرة للجدل.

في تقرير المدقق العام رقم 24 2023-24، بعنوان الإصدار والامتثال والتعاقد لوحدات ائتمان الكربون الأسترالية، قام مكتب التدقيق الوطني الأسترالي بتقييم فعالية أنشطة منظم الطاقة النظيفة المتعلِّقة بالإصدار والامتثال والتعاقد لوحدات ائتمان الكربون الأسترالية. ويجري إصدار الوحدات للمشاريع المؤهلة لتخفيض الكربون والتي يمكن بيعها للحكومة أو المنظمات الأسترالية لتعويض انبعاثاتها من الكربون.

وفي عملية التدقيق، وجد المكتب أنَّه لم يتم الوفاء بالشرط التشريعي لتقديم تحديثات وزارية مستمرة للمصالح التي أعلن عنها أعضاء لجنة ضمان الحد من الانبعاثات. ويتضمن دور اللجنة تقديم مشورة الخبراء المستقلين بشأن مدى ملاءمة أساليب توليد الوحدات للوزير المسؤول. ويعدُّ الكشف عن النزاعات المحتملة وإدارتها على النحو المناسب أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على استقلالية اللجنة وثقة الجمهور في المخطط. وقدم مكتب التدقيق الوطني الأسترالي توصية بتنفيذ إجراءات لإخطار الوزير المسؤول بالمصالح التي أعلنها أعضاء اللجنة على النحو الذي يقتضيه التشريع. وقد جرى الاتفاق على التوصية.

قياس الأداء وإعداد التقارير في هذا الشأن

تتيح أطر قياس الأداء الملائمة للغرض إجراء تقييم لمدى تحقيق البرامج الحكومية للأهداف.(1) وفي أستراليا، يحكم قانون الحوكمة العامة والأداء والمساءلة لعام 2013 تخطيط نشاط القطاع العام وإدارته وإعداد التقارير في هذا الشأن. ويقرُّ القانون بأنَّ أداء القطاع العام هو أكثر من أداء مالي، وقد أدخل إطاراً لقياس الأداء غير المالي وتقييمه، بما في ذلك اشتراط رصد البرامج الحكومية وتقييمها.

ومن النتائج المشتركة التي أثارها مكتب التدقيق الوطني الأسترالي في عمليات التدقيق المتَّصلة بالمناخ في ما يتعلق بفائدة أطر قياس الأداء الاعتماد الشديد على معلومات الأداء على مستوى المشروعات، التي لا تقدم مرئيات بشأن التقدم المحرز في البرامج ذات الصلة أو أثرها على الأهداف أو المستهدفات العامة. ويؤدي غياب المعلومات المفيدة عن الأداء إلى زيادة صعوبة إدارة الجهات لتنفيذ البرامج بفعالية، بما في ذلك معالجة المخاطر والمسائل الناشئة، وقيام أصحاب المصلحة بالحكم على أثر التمويل العام وفعاليته. كما يؤدي إلى قاعدة أدلَّة محدودة يمكن أن يستند إليها وضع سياسات جديدة.

وقد أُثيرت هذه النتيجة في عدد من عمليات التدقيق الأخيرة، بما في ذلك:

  • تقرير المدقق العام رقم 20 2017-18، بعنوان تكنولوجيات الانبعاثات المنخفضة للوقود الأحفوري، الذي وجد أنَّ غياب التقارير الكافية عن الأداء على مستوى البرنامج يحدُّ من وضوح إنجازات البرنامج والإشراف عليها، وقدرة الحكومة على اتّخاذ قرارات بشأن مستقبل البرامج؛
  • تقرير المدقق العام رقم 19 2021-22: بعنوان إدارة الأنواع المهددة والمجتمعات البيئية بموجب قانون حماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي لعام 1999، والذي وجد أنَّ تقارير الأداء لا تشير إلى كيفية مساهمة أنشطة تخطيط الإدراج والحفظ في النتائج المرجوة؛
  • تقرير المدقق العام رقم 2 2023-24 برنامج تعافي الحياة البرية والموائل من حرائق الغابات الذي لاحظ أنَّ المشاريع في إطار البرنامج لم  تحقق جميعها الأهداف أو النتائج المرجوة، ولا يمكن تالياً مقارنة بيانات التقدم المحرز أو تجميعها لتقييم التقدم المحرز على مستوى البرنامج.

في كل عملية من عمليات التدقيق، قدم مكتب التدقيق الوطني توصية إلى الجهات المعنية بوضع أنشطة رصد وتقييم مناسبة وتنفيذها لتحديد أثر برامجها على تحقيق أهداف السياسة العامة.

أنشطة تدقيق المناخ المستقبلية للجهاز الأعلى للرقابة المالية في أستراليا

يعدُّ التدقيق في آثار تغير المناخ ومخاطره وقدرته على التكيف مجالاً سريع التطور، ويعتبره مكتب التدقيق الوطني مجالاً من مجالات التركيز لأنشطة التدقيق في المستقبل.

وبموجب سياسة الكومنولث للإفصاح الخاصة بالمناخ التي اعتًمِدت في مارس / آذار 2024، سيُطلب من كل جهات الكومنولث وشركاته الإبلاغ علناً عن تعرُّضها للمخاطر والفرص المناخية، فضلاً عن الإجراءات التي تتّخذها لإدارتها. ويعمل المكتب، بوصفه المدقق في القطاع العام، مع وزارة المالية على تطوير نظام لضمان عمليات الإفصاح عن المعلومات المتعلِّقة بالمناخ والتحقُّق منها. وستكون الجاهزية للتدقيق في الإفصاحات المناخية محور تركيز رئيسي لـلمركز في فترة 2024-25.

وعلى نطاق أوسع، يضع المكتب استراتيجية لسنوات متعدِّدة للتدقيق في تغير المناخ والبيئة. وستعزز هذه الاستراتيجية برنامج عمل التدقيق السنوي للمكتب، وستدعم المكتب في إنتاج جهاز عمل منسّق للتدقيق في إدارة الجهات الحكومية الأسترالية للمخاطر المرتبطة بالمناخ.

وبالإضافة إلى دوره الأساسي، فإنَّ المكتب عضو ناشط في أوساط التدقيق الخارجي في القطاع العام ويشارك في المنتديات الدولية والإقليمية لتبادل المعرفة وتعزيز المكانة المهنية والتأثير في التدقيق الحكومي. وفي سبتمبر / أيلول 2024، شارك المكتب في استضافة مجموعة العمل الإقليمية المعنية بالتدقيق البيئي التابعة لرابطة المحيط الهادئ للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة. وكان موضوع هذا الاجتماع للمجموعة “التدقيق في الاقتصاد الأزرق”، مع التركيز على موضوعين فرعيين هما المحيطات والمجاري المائية، وتغير المناخ والكوارث الطبيعية. وخلال الفعالية التي استمرت ثلاثة أيام في كانبيرا  في أستراليا، اجتمع نحو 50 مدققاً في القطاع العام ممن لديهم اهتمام وتخصص في مجال التدقيق البيئي من أستراليا ونيوزيلندا ومنطقة المحيط الهادئ لتبادل المعارف وتطوير القدرات في مجال التدقيق هذا الناشئ بسرعة.

اجتماع الفريق العامل الإقليمي لرابطة المحيط الهادئ للمؤسسات العليا لمراجعة الحسابات (PASAI) المعني بالتدقيق البيئي (RWGEA) في سبتمبر 2024. المصدر: ANAO.
الحواشي
Back To Top